بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف الرافضة
الرفض لغة الترك, وقد رفضه يرفضه رفضًا.
«سموا بذلك لتركهم زيد بن علي»
فالرفض في اللغة معناه الترك والتخلي عن الشيء.
وأما في الاصطلاح: هم قوم من الشيعة سموا بذلك؛ لأنهم تركوا زيد بن علي, قال الأصمعي: «كانوا بايعوه ثم قالوا له: ابرأ من الشيخين نقاتل معك, فأبى, وقال: كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما, فرفضوه, وارفضوه عنه فسموا رافضة»( ).
قال عبد الله بن أحمد -رحمه الله-: قلت لأبي: «من الرافضي؟ قال: الذي يشتم ويسب أبا بكر وعمر
سبب تسميتهم بهذا الاسم
عندما خرج زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم على هشام بن عبد الملك كان في جيشه من يشتم أبا بكر وعمر فمنعهم, فرفضوه, ولم يبق معه إلا مائتا فارس, فقال لهم – أي زيد بن علي-: رفضتموني, قالوا: نعم, فبقى عليهم هذا الاسم. وكان ذلك في سنة ثنتين وعشرين ومائة. يقول ابن كثير
– رحمه الله- في صدد بيانه ما حدث في هذه السنة: «فيها كان مقتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, وكان سبب ذلك أنه لما أخذ البيعة ممن بايعه من أهل الكوفة أمرهم في أول هذه السنة بالخروج والتأهب له, فشرعوا في أخذ الأهبة لذلك, فانطلق رجل يقال له سليمان بن سراقة إلى يوسف بن عمر نائب العراق فأخبره –وهو بالحيرة يومئذ- خبر زيد بن علي هذا, وكان معه من أهل الكوفة, فبعث يوسف ابن عمر يطلبه ويلح في طلبه, فلما علمت الشيعة ذلك اجتمعوا عند زيد بن علي فقالوا له: ما قولك –يرحمك الله- في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما, ما سمعت أحدًا من أهل بيتي تبرأ منهما, وأنا لا أقول فيهما إلا خيرًا, قالوا: فلم تطلب إذًا بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر, ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه, ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرًا, وقد ولوا فعدلوا وعملوا بالكتاب والسنة, قالوا: فلم تقاتل هؤلاء إذًا؟ قال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك, إن هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم, وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه × وإحياء السنن وإماتة البدع, فإن تسمعوا يكن خيرًا لكم ولي, وإن تأبوا فلست عليك بوكيل, فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه, فلهذا سموا الرافضة من يومئذ وبهذا يتبين سبب تسميتهم بالرافضة, لرفضهم زيد بن علي الذي منعهم من سب الشيخين رضي الله عنهما, وأصبحت كلمة الرافضة تطلق على كل من غلا في مذهب الشيعة وأجاز الطعن في الصحابة
بداية نشأة التشيع
أول من زرع فكرة التشيع في الأمة رجل يهودي يقال له: عبد الله بن سبأ, أظهر الإسلام للطعن فيه, وكان ذلك زمن الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان, وتنقل ابن سبأ بين المدينة والبصرة والكوفة ومصر والشام, والتف حوله المفسدون والحاقدون من المنافقين والجهال بحقيقة الدين.
ونشط ابن سبأ المعروف بابن السوداء في بث فكرتين أساسيتين لأهدافه اليهودية هما:
الأولى: دعوته إلى اعتقاد رجعة النبي وكان يقول: «عجبًا ممن يزعم أن عيسى سيرجع ويكذب بأن محمدًا سيرجع, وقد قال الله تعالى ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ))" [القصص85].
الثانية دعوته إلى اعتقاد «أن لكل نبي وصيًا وعلي وصي لمحمد, ومحمد خاتم الأنبياء, وعلي خاتم الأوصياء, ومن أظلم ممن يمنع وصية رسول الله ** ووثب على حق وصيته وتناول أمر الأمة».
وأرسل ابن سبأ أصحابه وأتباعه في الأمصار ليكتبوا ظلمًا وزورًا وبهتانًا للطعن في الولاة, وينسبوا ذلك لخليفة المسلمين وحثهم على الظهور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, حتى يلتف حولهم العوام, وزوروا رسائل
نسبوها إلى عثمان للدس والوقيعة بين الأمة وخليفتها وولاتها.
وهيَّج الأمصار واستجاب أهل البصرة والكوفة ومصر لأهدافه القريبة, وكان من نتائج دسائسه قتل الخليفة الراشد عثمان بغير حق ظلمًا وعدوانًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مبينًا أن ابن سبأ أول من أحدث الرفض والغلو المذموم, قال: «وأصل الرفض من المنافقين والزنادقة فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه, وادعى العصمة له) وذكر أيضًا: «أن ابن سبأ المنافق الزنديق أراد فساد دين الإسلام, وأراد أن يصنع بالمسلمين ما صنع بولس بالنصارى, لكن لم يتأت له ما تأتى لبولس لضعف النصارى وعقلهم, فإن المسيح عليه السلام رُفع ولم يتبعه خلق كثير يعلمون دينه, ويقومون به علمًا وعملاً, فلما ابتدع بولس ما ابتدع من الغلو في المسيح اتبعه على ذلك طوائف وأحبوا الغلو في المسيح, فقام أهل الحق فخالفوهم وأنكروا عليهم فقتلت الملوك بعضهم, وبعضهم اعتزلوا في الصوامع والأديرة, وهذه الأمة ولله الحمد لا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق, فلا يتمكن ملحد ولا مبتدع من إفساده بغلو أو انتصار على الحق, ولكن يضل من يتبعه على ضلاله»( ).
ولوضوح خبثه وكيده وشدة حقده على الإسلام والمسلمين لم يذكره أحد من أهل الإيمان بخير, وإنما وصفوه بأنه أول من سن لأهل الخذلان النيل من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما, ووصفوه بالخبث والكذب والنفاق والزندقة وبأنه ضال مضل.
ذكر ابن حجر من طريق أبي إسحاق الفزاري أن سويد بن غفلة دخل على عليٍّ في إمارته, فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر ويرون أنك تضمر لهما مثل ذلك, فقال علي: ما لي ولهذا الخبيث الأسود, ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل, ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ فسيره إلى المدائن, وقال: لا يساكنني في بلدة أبدًا, ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس, ثم أثنى على الشيخين ثناء طويلاً, وقال في آخره: (ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفترى)وتذكر بعض الروايات أن عليًا هم بقتله ودعا بالسيف, فكلم فيه, فقال: لا يساكنني ببلد أنا فيه, فسيره إلى المدائن وذكر ابن عساكر بإسناده إلى أبي الجلاسي قال: سمعت عليًا يقول لعبد الله السبئي: «ويلك, والله ما أفضى إليَّ بشيء كتمه أحد من الناس وقد سمعته يقول: «إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابًا» وإنك لأحدهم)
فعلي حكم على ابن سبأ بأنه خبيث, وهم بقتله, ولما تراجع عن قتله نفاه إلى المدائن, وبين بأنه أحد الدجالين.
وقال الحافظ الذهبي في شأن ابن سبأ: عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل, أحسب أن عليًا حرقه بالنار, وزعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه علي فنفاه علي بعد ما هم به)
وقال الحافظ ابن حجر بعد أن أورد روايات في ذمه: «وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ, وليست له رواية ولله الحمد, وله أتباع يقال لهم السبئية يعتقدون إلهية علي بن أبي طالب, وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته))
قلت: والحرق بالنار منهي عنه شرعًا, كان يكفي قتلهم بالسيف.
وبذلك يتضح للقارئ الكريم أن ابن سبأ اليهودي هو أول من زرع فكرة التشيع وقال بالرجعة والوصية وتلقفها عنه أتباعه وبعض من قلت بضاعتهم من العلم والهدى
والدارس للتاريخ يتضح له أن الأمة في هزاتها العنيفة يكون سببها رجالاً حاقدين على الإسلام, يتقنون دور التخفي بين أوساط المسلمين ولا يكلُّون ولا يملون من بذر ونشر أفكارهم الشيطانية المناهضة للعقيدة الإسلامية المنبثقة من كتاب الله وسنة النبي
هذا وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم